الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

دور الجامعة في تفعيل آليات العدالة الانتقالية في العراق


دور الجامعة في تفعيل آليات العدالة الانتقالية في العراق
                                                د. نهى الدرويش
المستخلص
            تعد الجامعة واحدة من أهم المؤسسات التي تحظى بعناية الدولة في مرحلة التحول نحو الديمقراطية ، فهي الواجهة  التي تعكس التطور العلمي  وتمد مؤسسات الدولة بالبحوث العلمية التي تسهم في عملية التنمية والتطور بشكل أساس وكبير . فضلا عن كونها المؤسسة المعنية بتغذية المجتمع بالعقول العلمية المنظمة لجميع مؤسسات الدولة .
            أن مرحلة التحول نحو الديمقراطية التي يمر بها العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن تتطلب من الجامعة مهاما كبيرة في عملية البناء والنهوض الحضاري ، فضلا عن ضرورة الإسهام بتحقيق العدالة الانتقالية من خلال اعتماد بعض الآليات التي تتسق وطبيعة المؤسسة الجامعية  كونها جزءا أساسا من المنظومة التنفيذية .
            لقد عانت المؤسسة الجامعية خلال فترة النظام الشمولي السابق وحتى الأنظمة التي سبقته من التهميش والتسييس والفساد بكل أنواعه ، كما عانى منتسبوها من أساتذة وموظفين وطلبة ، شتى أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان ،  والتي تتباين من حيث الشدة والنوع وطول فترة الانتهاك . ولم تكن فترة التحول  نحو الديمقراطية التي أعقبت عام 2003 بأفضل حال من سابقتها ، فقد أفرزت لنا هذه المرحلة جملة من الصراعات والمشكلات والإخفاقات التطبيقية ، التي لابد أن نعترف بها لكي نسعى بجد الى إصلاحها احتراما لأسس العدالة الانتقالية التي اخترناها طريقا نحو الديمقراطية .
            تعرف العدالة الانتقالية بأنها جملة من الاستراتيجيات المتعددة التي يمكن من خلالها وضع التدابير التي تعالج ارث الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان في المجتمعات التي تمر بمراحل الانتقال السياسي او تلك المجتمعات التي تمر بمراحل النزاع او ما بعد النزاع ، بهدف التحول بالمجتمع الى مرحلة الديمقراطية والسلام الدائم والثابت .
            ومثلما تتنوع آليات تطبيق العدالة الانتقالية من مجتمع الى آخر بحسب خصوصية التجربة المحلية لكل مجتمع كذلك تتنوع مؤسسات العدالة الانتقالية بحسب أنواع الآليات التطبيقية ، الا أن هناك اعتقاد خاطئ مفاده حصر تطبيق آليات العدالة الانتقالية على مؤسسات معينة دون غيرها ، وقد أفرزت تجارب المجتمعات الأخرى عدم صحة هذا الاتجاه ، والعدالة الانتقالية الشاملة تتيح الفرصة لجميع مؤسسات الدولة لتمارس دورها التطبيقي بحسب الآليات المناسبة لعمل كل مؤسسة .
ويحاول البحث الحالي الإجابة على التساؤلات الآتية : هل للجامعة دورا  في تحقيق العدالة الانتقالية الشاملة في العراق ؟ وما طبيعة هذا الدور ؟
ولأجل التوصل الى إجابات لهذه التساؤلات ، استعرضت الباحثة دور بعض الجامعات العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا . وناقشت ما قدمته هذه الجامعات من نشاطات وأبحاث ودراسات ميدانية  ومقارنة ، واستفتاءات ومسوحات ميدانية .
وتوصلت الى ان الجامعة في العراق ينبغي ان يكون لها دورا اكبر واعمق في ترسيخ العدالة الانتقالية الشاملة في العراق يتمثل بالاتي :
1.      اجراء البحوث والدراسات الإنسانية بهدف تسليط الضوء على المشكلات والتحديات التي تواجه تطبيق العدالة الانتقالية في العراق ورفد السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بنتائجها وتوصياتها  .
2.      عقد الحلقات النقاشية والدراسية  بهدف بلورة وتنضيج الخطط التطبيقية لآليات العدالة الانتقالية الشاملة في العراق بما ينسجم ويتلاءم مع خصوصية التجربة العراقية  .
3.      إشراك أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات العراقية بمرحلتي التخطيط والتقييم لإستراتيجية العدالة الانتقالية في العراق .
4.      المشاركة في الندوات والمؤتمرات العالمية التي تقيمها الجامعات و المؤسسات المتخصصة في العدالة الانتقالية .
5.      تشكيل لجنة استشارية في شؤون العدالة الانتقالية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، تقدم الاستشارات في قضايا التخطيط والتنفيذ والتقييم .
6.      اعداد خطة إستراتيجية داعمة لإستراتيجية الدولة ، للعدالة الانتقالية الشاملة في العراق في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي  ، تتمثل باليات التعويض والإصلاح المؤسسي والمصالحة الوطنية الشاملة .
وقد اجرت الباحثة مخططا عاما لهذه الآليات يمكن مراجعته في نص البحث الحالي ، ويتضمن إجراءات مقترحة لتحقيق هذه الآليات منها :
1.      تأسيس المعهد العراقي للعدالة الانتقالية : وهو مركز بحثي يعنى بشؤون العدالة الانتقالية ويرتبط بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، يتولى اجراء الأبحاث والدراسات الداعمة لخطط تطبيق العدالة الانتقالية في العراق ،  والإشراف المشترك على الرسائل والاطاريح الجامعية ذات العلاقة بالموضوع ، وله أن يصدر المطبوعات ويقيم الندوات والمؤتمرات لتحقيق أهدافه.
2.      رسم خطة معلنة وشفافة  للإصلاح المؤسسي وإصلاح النظام الإداري في المؤسسة الجامعية .
3.      تفعيل الحصول على المعلومة وحرية تداول المعلومة العلمية ونشرها للباحثين .
4.      دعم وإسناد التعويض المعنوي للمتضررين في المؤسسة الجامعية .
5.      تفعيل الإعلام الجامعي ، واستثمار القناة الفضائية الجامعية في نشر قيم التسامح والسلام وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة ، وتفعيل قيم المواطنة والمشاركة المجتمعية والانفتاح على المجتمع والقضاء على كافة أشكال التمييز .

بحث مقدم في ندوة دور الاساتذة الجامعة في تفعيل المصالحة الوطنية في ضوء مقاربات العدالة الانتقالية / مركز التقريب الديني- كلية اللغات – جامعة بغداد – 2011



ليست هناك تعليقات: