الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

لماذا تعد معالجة الماضي مهمة لتحقيق العدالة الانتقالية؟

د. نهى الدرويش
                                                                        
المستخلص

         تبدو العدالة الانتقالية،في إحدى صورها الرئيسة،بأنها تتعامل مع الماضي لذا ستثار التساؤلات الآتية :
س / لماذا إثارة الماضي ولماذا لا نتجاوزه أو علينا أن ننظر الى الأمام؟
س / هل يمكن نسيان مجازر ووحشية الاستبداد ؟
س /  هل يمكن تجاوز مخلفات الماضي  العالقة في الحاضر والمتمثلة بآلاف المعذبين والمحرومين والأرامل والأيتام؟
س / كيف يمكن التأسيس لمجتمع جديد وقيم جديدة بدون مشاركة هؤلاء الضحايا
بحماس وفاعلية   والتي لا تتأتى بدون التخفيف من آلآمهم ؟
س / كيف يمكن إقناع هؤلاء الضحايا  بقيام نظام جديد ومختلف في التعامل على وفق نهج ديمقراطي يراعى فيه حقوق الإنسان ؟
 س / ما الفائدة التي ستعود على أي مجتمع يمر بمرحلة انتقالية أو تحولية في أن يواجه الماضي وما أثر ذلك في إرساء السلام وتعزيز التحول الديمقراطي في المستقبل:

ج / هناك الكثير من الدوافع التي تحتم ضرورة مواجهة الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان، بشفافية وعلى وفق  مبادئ العدالة الانتقالية:
أولا: تصفية الحسابات بين الجاني والمجني عليه، بمعنى: ضمان إرساء السلام الاجتماعي، ودعم التعايش السلمي بين ضحية هذا الانتهاك وفاعله.
ثانيا: طي صفحة الماضي والعفو العام ،بمعنى: الانصراف عن الشكوى من  انتهاكات الماضي إلى تعزيز مستقبل الديمقراطية وتقويتها، وذلك لاعتبار أن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على أكاذيب، وأن مواجهة الماضي يمكن أن تؤدي إلى ديمقراطية أكثر قوة، وذلك من خلال إرساء مبدأ المحاسبة، ومكافحة ثقافة الإفلات من العقاب.
ثالثا: الواجب الأخلاقي في مواجهة الحقيقة , بمعنى: الاعتراف بالضحايا من جانب الجاني، وتقبل الضحايا للانتهاكات التي وقعت في حقهم، لأن النسيان هنا يعتبر شكلاً من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة لهؤلاء الضحايا، وبالتالي فإن أسلم الحلول وأقلها ضررا هو فتح جراح الماضي بشفافية من خلال أشكال عديدة من بينها لجان الحقيقة، ومبادرات المصالحة الوطنية.
رابعا: تجنب تكرار نفس الفظائع في المستقبل ، اي أن تكون عملية التذكر ونبش الجراح والمحاسبة هي عنصر ردع وتخويف لمن تسول له نفسه بارتكاب انتهاكات مماثلة في المستقبل.

مواجهة الماضي وأثرها في إرساء السلام وتعزيز التحول الديمقراطي:

أن مواجهة الماضي بشفافية اعتمادا على مبادئ العدالة الانتقالية له كبير الأثر في إرساء السلام والسلم الاجتماعي، ودعم التعايش السلمي ،وتعزيز التحول الديمقراطي.

س / لماذا يجب علينا مواجهة الماضي؟

 إن المبررات لهذا تتمثل  في ما يلي:

 تعزيز الديمقراطية وتقويتها: وذلك لاعتبار أن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم علي أكاذيب ، وان مواجهة الماضي يمكن أن تؤدي إلى ديمقراطية أكثر قوة،وذلك من خلال إرساء مبدأ المحاسبة، ومكافحة ثقافة الإفلات من العقاب وعفا الله عما سلف.

 الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي: ويتمثل هذا الواجب في قيمة التذكر وفي قبول الضحايا والاعتراف بهم كضحايا،ولأن النسيان هنا يعد  شكلاً من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة، ولأنه من المستحيل تجاهل الماضي أو نسيانه لذلك فمن الأفضل إظهاره بطريقة بناءة وشفافة من خلال أشكال عدة من بينها صيغة (لجنة المكاشفة والحقيقة) . ويمكن إذا تجاهلنا الماضي أن ينفجر في أي لحظة في شكل عنف جديد.

 لنمنع ذلك في المستقبل: وذلك لخلق نوع من الردع ، فالتذكر والمحاسبة هما وحدهما الكفيلان بالحيلولة دون ارتكاب انتهاكات في المستقبل.
فوائد تطبيقية
·   الردع مستقبلا عن القيام بانتهاكات جديدة لحقوق الإنسان أو ممارسة أي نوع من الاستبداد، مهم جدا حيث سيتولد الشعور بان الانتهاكات والاستبداد لايمران دون عقاب ومحاسبة.
·   تؤدي تلك الانتهاكات الى فقدان التوازن داخل المجتمع وبالتالي لا يمكن البدء بتأسيس مجتمع جديد بدون إعادة التوازن اليه عبر التعامل مع الماضي بواسطة آليات العدالة الانتقالية.
·   علينا أن نفهم جميعا وبدقة بان التعامل مع الماضي لا يعني الانتقام أو الثار، بل الانتقام والثار يأتي من عدم معالجة الماضي والذي بدوره سيؤدي الى انتقام وثار متبادل.
·        يفترض التعامل مع الماضي بشفافية ووضوح بان هناك ضررا قد وقع وعلينا إزالة آثاره وسط اتفاق الجميع.
-----------------------------------------------
ورقة عمل في ندوة من هم الضحايا / منظمة المجتمع العراقي النموذجي – برنامج العدالة للجميع

ليست هناك تعليقات: