الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

شــفرة النخلــة Sunday, May 10, 2009

د. نهى الدرويش
من شاهد منكم فيلم «شفرة دافنشي» وبغض النظر عن المشاكسة الميثولوجية المسيئة التي اعتمدها المؤلف الا انه بالتاكيد اثار دهشتكم في تنسيقه الكذبة التاريخية التي طرحها من خلال لوحة العشاء الاخير كلغز محير، ويقنعك المؤلف بفكه ملابسات هذا اللغز بأساليب علمية ارادها ان تكون مقنعة.

ويبدو ان الكثير من الاعمال الفنية تحمل ألغازاً وتخفي قصصاً غريبة، فقد اكتشفت «وبلا فخر»، ان أغنية «نخل السماوة» لمطربها حسين نعمة لا يقل لغزها عن لغز دافنشي فكلماتها تنسب الى شاعر مجهول وصمه الناس بالجنون حين ادعى قصة غريبة مفادها: في المستقبل ستتغير المسميات فيصبح مثلاً اسم المحافظة «كوكب» واسم الدولة «مجرة» فيما سيكون اسم العالم «قرية»، وان سكان مجرة اخرى من ذوي البشرة السمراء الداكنة،

زرعوا النخيل على سطح كوكبهم الرملي الساخن وصاروا يصدرون التمور»المعالجة جينياً» الى المجرات الاخرى، لذا فإن القضاء على الاصناف النادرة من هذه التمور في كوكبي السماوة والبصرة والكواكب المجاورة الاخرى، سيتيح لقراصنة هذه التجارة فرصة اكبر لاحتكارها والتحكم بأسعارها، وتحقيقاً لهذا الهدف سيتم استئجار قراصنة من عصابة «جريدي النخل» او عصابة «دوباس الإرهابي» للقضاء على النخيل في جنوب «مجرة العراق».

استنكر الناس قصة الشاعر المجنون، كان الجميع لا يعرف العد بأكثر من أصابعه العشرة ،فكيف ستباد هذه الملايين من النخيل؟ ومن يجرؤ على ذلك بعد التهكم الذي قوبل به طلب الوالي العثماني بإبادة النخيل حين اعلموه انها سبب الحر الشديد! وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش البريطاني حين لجأ الى الاختباء بين سعفاتها رجال الناصرية في كمين ذكي لمقاومة هذا الجيش فاطلق قائدهم على النخلة لقب «الشجرة الخبيثة» من شدة حنقه عليها! وكل البشر يسمونها «امنا النخلة»فمن يجرؤ على قتل أمه؟.. وهكذا هام الشاعر على وجهه مرددا كلماته المشفرة:

نخل السماوة يكول طرتني «سمرة» 
  سعف وكرب ظليت ما بيه ثمرة
وشجابة للغراف طير «المجرة»؟ 
  سابيهة كلهة الناس حيرني بامرة!

ومما يؤكد صحة رواية الشاعر المجنون ان نبوءته تحققت، فبعد كل الإبادات العرضية التي تعرضت لها النخلة في جنوب العراق بسبب الفيضانات والحروب والآفات الزراعية، تشن الآن حملة مقننة واسعة لإبادة النخيل وبخاصة الاصناف النادرة منه ،وتتم العملية بحرق قلب امنا النخلة ليلاً ــ مثلما يتم حرق قلوب امهاتنا في وضح النهار ــ لتطول الحرائق بقية البستان ! وهذا ما لم يخطر ببال عزيز علي في مونولوجه [يا جماعه والنبي عدنه والله بستان...]، لان القضية كما يبدو الآن تتجاوز عصابات «جريدي النخل»و»دوباس الإرهابي» لتأخذ اطار «منظمة مكافحة الثمرة الخبيثة» وبهذه المناسبة ادعو صادقة زملاءنا العاملين في اطار السينما الى إنتاج فيلم يفك لغز «شفرة النخلة» إنصافاً للشاعر المجنون ووفاء لحسين نعمة... وتقديراً للمسؤولين الذين اعلنوا عن إضرابهم عن تناول التمر في إفطار رمضان القادم لانهم اكتفوا بالافطار بشوربة «الذهب الاسود» فصياما مقبولا وإفطاراً شهياً.




ليست هناك تعليقات: